"لم يكن أمامى غير بيع البطيخ والسميط فقد كان والدى فقيراً"
بهذه الكلمات التى قالها فى مناظرة تليفزيونية,مع دنيز بايكال رئيس الحزب الجمهورى,حتى فاز بمنصب رئيس الوزراء
إنه رجب طيب أردوغان ,رئيس وزراء تركيا,الذى ولد فبراير 1954 في إسطنبول. لأسرة من أصل جورجي،أتم تعليمه في مدارس "إمام خطيب" الدينية ثم في كلية الاقتصاد والأعمال في جامعة مرمرة
"مساجدنا ثكناتنا/قبابنا خوذاتنا/مآذننا حرابنا/والمصلون جنودنا/والجيش المقدس يحرس ديننا"
بهذه الأبيات لشاعر تركى,والمقتبسة من شعار الإخوان المسلمين,والتى قالها فى مؤتمر جماهيرى,حكم عليه بالسجن عام 1998,بتهمة التحريض على الكراهية الدينية,وحرم من العمل فى الوظائف الحكومية,ومنها الترشح للإنتخابات العامة,وبعدها أدرك أردوغان,أنه يجب أن يسلك طريقاً آخر,حتى يستمر فى عمله السياسى,حتى لايتعرض للحرمان منه للأبد,مثل ما حدث مع زعيمه نجم الدين أربكان
انضم أردوغان إلى حزب الخلاص الوطني بقيادة نجم الدين أربكان في نهاية السبعينات، لكن مع الانقلاب العسكري الذي حدث في 1980، تم إلغاء جميع الأحزاب، وبحلول عام 1983 عادت الحياة الحزبية إلى تركيا وعاد نشاط أردوغان من خلال حزب الرفاه، خاصةً في محافظة إسطنبول.وبحلول عام 1994 رشح حزب الرفاه أردوغان إلى منصب عمدة إسطنبول، واستطاع أن يفوز في هذه الانتخابات خاصةً مع حصول حزب الرفاه في هذه الانتخابات على عدد كبير من المقاعد.
اغتنم فرصة حظر حزب الفضيلة لينشق مع عدد من الأعضاء منهم عبد الله جول وأسسوا حزب العدالة والتنمية عام 2001 منذ البداية أراد أردوغان أن يدفع عن نفسه أي شبهة باستمرار الصلة الأيديولوجية مع أربكان وتياره الإسلامي الذي أغضب المؤسسات العلمانية مرات عدة، فأعلن أن العدالة والتنمية سيحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في صراعات مع جنرالات المؤسسة العسكرية التركية وقال "سنتبع سياسة واضحة ونشطة من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمه أتاتورك"أتاتورك خط أحمر فى تركيا" لإقامة المجتمع المتحضر والمعاصر في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا
خاض حزب العدالة والتنمية الانتخابات التشريعية عام 2002 وحصل على 363 نائبا مشكلا بذلك أغلبية ساحقة. لم يتمكن أردوغان من ترأس حكومته بسبب تبعات سجنه وقام بتلك المهمة عبد الله جول. حتى تمكن في مارس عام 2003 من تولي رئاسة الحكومة بعد إسقاط الحكم عنه.
بعد توليه رئاسة الحكومة عمل على الاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تركيا، وتصالح مع الأرمن بعد عداء تاريخي، وكذلك فعل مع اليونان، وفتح جسورا بينه وبين أذربيجان وبقية جمهوريات السوفيتية السابقة، وأرسى تعاونا مع العراق وسوريا وفتح الحدود مع عدة الدول العربية ورفع تأشيرة الدخول،وفتح أبوابا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا مع عدة البلدان العالمية،وأصبحت مدينة إسطنبول العاصمة الثقافية الأوروبية عام 2010، أعاد لمدن وقرى الأكراد أسمائها الكردية بعدما كان ذلك محظورا، وسمح رسميا بالخطبة باللغة الكردية
ولكن إنجاز أردوغان الأهم,كان فى المجال الإقتصادى,حيث إستطاع أن يضاعف من الناتج القوى التركى,وكذلك دخل الفرد هناك,وذلك بدفع عجلة الأنتاج,عن طريق تشجيع المنتجين الصغار,وتقليل أعبائهم وإعطائهم قروضاً ميسرة جداً,ومن وجهة نظره أن الفلاح والعامل,هم عماد الإقتصاد الحقيقى,ويجب أن يتم دعمهم بكل الطرق,وليس دعم هؤلاء الذين يجلسون فى بيوتهم,يتابعون شاشات مؤشرات البورصة,ويكسبون بمضاربات لا تضيف للناتج القومى شيئاً,حتى إستطاع أن يصعد بالإقتصاد التركى, للمركز السابع فى أوروبا,ومن العشرين الأقوى فى العالم,بعد أن كان منهاراً قبل عشر سنوات
ولأردوغان نوادر شهيرة,خصوصاً ما حدث فى مؤتمر للدول الإسلامية,حيث اعلن أنه أتى لمناقشة"مشكلة الصرف الصحى فى إسطنبول"فضحك عليه الجميع,حتى أثبت للجميع,أن النهضة الحقيقية,تبدأ بالتخطيط السليم,وليس بالشعارات الجوفاء,التى تلهب حماس العامة,دون تقدم حقيقى,وأن تحسين دخل الفرد,وتدعيم البنية التحتية والتعليم والتدريب,هما السبيل الوحيد لدفع عجلة الإنتاج,الذى يقوى الإقتصاد,ويقوى الوضع السياسى كذلك,فلا يمكن أن يكون لك موقف سياسى قوى,وشعبك يعانى من الفقر والجهل والتخلف
لعل وعسى يعى الطامعون,فى تولى حكم مصر,درس أردوغان جيداً,وأن يبعدوا عن الشعارات الجوفاء,والأمور الفرعية والخلافية,وأن يتفرغوا لدراسة كيفية إعادة بناء الشخصية المصرية,التى تعرضت للتدمير على مدى 30 سنة,ونشأ جيل كامل لم ينل حظه من التعليم,اللهم إلا الغش فى الإمتحانات والبرشام"لاحظ شكاوى الأهل لو كانت الإمتحانات صعبة وكأنه من المفروض أن تكون سهلة",ثم يتخرج الشباب وهم يظنون أنفسهم يفهمون فى كل شىء,بل ويحلمون بأعلى الرواتب,حتى يدركوا الحقيقة المرة,وهو أنهم يفتقدون للتدريب الكافى,فلا حرفة ولا لغة اجنبية ولا حتى كومبيوتر,غير الشات والفيس بوك,ولايك وشير يا معلم,وكبر الجى وروق الدى,بينما الهنود والفلبينيون يغزون العالم,وبأرخص الأسعار!!