تعتبر
المادة المظلمة من أهم أسرار الكون في القرن الحادي والعشرين، بل إنها تتحدى
العلماء فيقفون عاجزين عن اكتشاف ماهيتها أو معرفة حقيقتها، ولكنهم يحاولون
استكشاف هذه المادة وقد وصلوا إلى عدد من الحقائق المهمة [1] ، ولكن الرحلة لا
زالت في بدايتها.
وتكمن أهم الصعوبات في أن هذه المادة لا تصدر أية أشعة ضوئية، بل هي لا
تعكس الضوء، ولا تتفاعل معه أو تتأثر به، إنها تعمل فقط بفعل جاذبيتها الكبيرة.
كيف بدأت القصة؟
منذ 75 سنة بدأ الفلكيون يلاحظون شيئاً غريباً في سلوك المجرات، فعندما
قاموا بحساب سرعة هذه المجرات نظرياً وجدوا أنها أقل بكثير من السرعة الفعلية التي
تم رصدها، إذن لابد أن يكون هناك شيء ما مجهول يقوم بتسريع المجرات!!
لقد قام العلماء برسم منحنيات بيانية توضح علاقة سرعة المجرات البعيدة
بالمسافة التي تفصلنا عنها، ووجدوا أن المنطق الرياضي يفرض أن المجرة كلما ابتعدت
عن المركز يجب أن تنخفض سرعة دورانها، تماماً مثل المجموعة الشمسية حيث نلاحظ أن
الكواكب القريبة من الشمس تدور بسرعة أكبر من الكواكب البعيدة بسبب بعدها الكبير.
ولكن الأبحاث التجريبية تؤكد أن المجرات البعيدة تتسارع في حركتها على عكس
المتوقع، فلماذا؟ هذا السؤال الذي حير العلماء ولم يجدوا إجابة منطقية سوى أن
يفترضوا وجود مادة مظلمة وطاقة مظلمة تقومان بالتأثير على المجرات البعيدة وتسريع
حركتها باستمرار.
يوضح هذا الشكل
علاقة سرعة المجرات ببعدها عنا، فالحسابات النظرية تؤكد أنه كلما كانت المجرة أبعد
كانت سرعتها أقل، ولكن القياسات الواقعية بينت العكس، فكلما
كانت المجرة أبعد كانت سرعتها أكبر! (المنحني المنقط يمثل السرعة
المحسوبة أو المتوقعة، والمنحني الأسود يمثل السرعة الحقيقية المقاسة) المصدر جامعة
يوريغون [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إنها مادة مظلمة لا يمكن رؤيتها ولا نعرف عنها أي شيء، فنحن مثلاً نستطيع
ذلك أي خارج المجموعة الشمسية فإن الحسابات لن تكون دقيقة.
بعد حسابات كثيرة قام بها العلماء وجدوا أن كل ما نراه من الكون هو بحدود 4
بالمئة، وأن المادة المظلمة تشكل 96 بالمئة من هذا الكون. طبعاً هذه المادة لا
تتأثر بالضوء ولا تتفاعل معه، ولذلك فنحن لا نرا
أثبتت القياسات
الحديثة أن الكون في معظمه يتألف من مادة مظلمة وطاقة مظلمة بنسبة 96 % (73 % طاقة
مظلمة، 23 % مادة مظلمة) وكل ما نراه من الكون هو أقل من 4 % .
كيف تتوزع المادة المظلمة
لقد بدأ العلماء يطرحون سؤالاً حول شكل هذه
المادة وكيف تتوزع في هذا الكون الواسع، ولكن المهمة كانت صعبة جداً وتطلبت فريقاً
من العلماء والباحثين الدوليين (من فرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية
وألمانيا) برئاسة الدكتور Yannick
Mellier
في معهد الفيزياء الفلكية بباريس، فقاموا بدراسة 200 ألف مجرة بعيدة، ودرسوا
التشوهات التي سببتها المادة المظلمة.
وخرجوا بنتيجة وهي أن المادة المظلمة تقود المجرات وتجعلها تتوزع على شكل
خيوط تشبه خيوط النسيج [2]، ولذلك فإن هذه ا لمادة أيضاً هي عبارة عن خيوط تشبه
نسيج العنكبوت.
هنالك بعض الدراسات والتي اعتمدت أكثر من سبعة آلاف قياس منفصل تؤكد بنتيجة
هذه القياسات أن المجرات تحوي مادة مظلمة كميتها 400 ضعف المادة العادية
[3].
تبين هذه الصورة
مجرة غريبة وهي عبارة عن قرص من النجوم والغبار الكوني، وكأن هناك مادة قوية جداً
تحاول جذبه من طرفيه فتشكل لدينا قرص آخر طويل ومتقاطع مع
القرص المضيء. يعتقد العلماء أن سبب هذا الجذب هو وجود مادة مظلمة لا تُرى ولكنها
كبيرة جداً ولها حقل جاذبية هائل. المجرة تبعد عنا بحدود 165
مليون سنة ضوئية. المصدر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
إن الصور
تتحرك وتسبح ضمن مادة مظلمة تنتشر في كل مكان من الكون [4] ، وقد تأكد العلماء
حديثاً من وجود هذه المادة باستخدام الكمبيوتر العملاق.
تمثل هذه الصورة
مجرة مسطحة (مادة مرئية) في الوسط تحيط بها حلقة دائرية هي المادة المظلمة، وريما
نتذكر أن النبي الأعظم عليه الصرة والسلام قد شبه لنا السماء
الدنيا بحلقة مرمية في فلاة أي في صحراء واسعة. وإذا كانت هذه الحلقات المظلمة التي
تشكل المادة المخظلمة في الكون هي السماء فيكون بذلك النبي قد
أعطانا وصفاً دقيقاً لحقيقة المادة المظلمة!! المصدر[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
يستخدم العلماء
الانفجارات تميط اللثام عن المادة المظلمة في الكون، حيث تتأثر التصادمات بين
المجرات بهذه المادة، ولذلك تظهر المادة المظلمة باللون الأزرق (طبعاً هذا اللون
ليس حقيقياً بل هو نتيجة الأشعة تحت الحمراء الملتقطة)
نرى في هذه الصورة
عنقوداً من المجرات يبعد عنا بحدود أربعة آلاف وخمس مئة مليون سنة
ضوئية، وتكشف التحاليل الدقيقة لهذه الصورة الملتقطة بواسطة مرصد هابل الفضائي أن
المادة المظلمة تغلف المجرات وقد لُوّنت بحيث تشكل هالة زرقاء
تظهر واضحة في الصورة. المصدر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
لقد التقط
المظلمة يبلغ بعدها 5 آلاف مليون سنة ضوئية [5]. ويقول العلماء إن هذه الصورة تشكل
دليلاً قوياً على وجود المادة المظلمة. كما يؤكدون أن المادة المظلمة لا تتوزع
بانتظام بل تشكل نسيجاً رائعاً تم حبك خيوطه بإحكام [6].
تبين هذه الصورة
الملتقطة بواسطة مرصد هابل حلقة من المادة المظلمة تحيط بمجموعة من
المجرات، وتؤثر هذه المادة على توزع هذه المجرات، وتبدو المجرات
وكأنها معلقة بهذه المادة المظلمة بشكل رائع. ويقول العلماء إن هذه الحلقة تبعد عنا خمسة
آلاف مليون سنة ضوئية. المصدر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
هل توجد
إذن هذا ما
وجده العلماء بخصوص المادة المظلمة، ولو تأملنا القرآن الكريم نلاحظ أن القرآن قد
سبق هؤلاء العلماء إلى الحديث عن هذه المادة وقد سماها القرآن بالسماء!! نعم أيها
الإخوة والأخوات: فجميع الدلائل تؤكد أن ما يتحدث عنه العلماء اليوم ويحاولون
اكتشافه هو السماء التي حدثنا عنها القرآن في مئات الآيات.
وقد يقول
قائل ما هو الدليل على مصداق ما نقول؟ إن الله تبارك وتعالى حدثنا عن السماء
ووصفها لنا بدقة فائقة، ولو تأملنا أقوال العلماء في هذه المادة نلاحظ تطابقاً
عجيباً لا يمكن أن يأتي بالمصادفة، لنتأمل الحقائق التي وصل إليها العلماء حول
المادة المظلمة وماذا قال القرآن في ذلك.
المادة
المظلمة: بين العلم والقرآن
المادة
المظلمة لا تُرى ولكن يمكن رؤية نتائجها، وهذه أهم الحقائق التي وصل إليها العلماء
في القرن الحادي والعشرين حول المادة المظلمة، وكيف تحدث عنها القرآن بمنتهى
الوضوح:
1- يقول العلماء: تمارس هذه المادة قوة جذب هائلة على المجرات في
الكون فتسرِّعها، وبنتيجة الحسابات نستطيع أن نستنتج أن معظم الكون مليء بالمادة
المظلمة. لقد أقسم الله تعالى بالسماء كدليل على عظمتها وعظمة الذي بناها: يقول
تعالى: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) [الشمس: 5].
2- يقول العلماء: إن هذه المادة شديدة وقوية بل وتتحكم في توزع
المادة المرئية في الكون! وهذا ما أكده القرآن الكريم، يقول تعالى عن السماوات: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) [النبأ: 12].
3- إن هذه
المادة ليست كتلة واحدة بل هي عبارة عن خيوط تشبه النسيج. وهنا يتجلى قول الحق
تبارك وتعالى عندما أقسم بالسماء وصفتها المميزة بأنها ذات نسيج محكم هو ما سماه
القرآن بالحُبُك، يقول تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ
* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) [الذاريات: 7-8].
4- يوجد في هذه المادة طرق تتحرك عليها المجرات بسرعة خلال ملايين
السنين. ويقول العالم الألماني بول ميلر: إن السماء أشبه بمدينة ذات طرق سريعة
تتدفق خلالها المجرات والنجون!! ويؤكد القرآن على هذه الطرائق، يقول تبارك وتعالى:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ
سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) [المؤمنون: 17].
5- إن هذه المادة تشكل بناء محكماً فهي تحوي جسوراً كونية تصل
المجرات بعضها ببعض، وتحوي جدران كونية من المجرات تتوضع عبرها بإحكام. حتى إن
العلماء اليوم لم يعودوا يستخدمون كلمة (فضاء) بل أصبحت الكلمة الأنسب هي (بناء)
وذلك بعدما اكتشفوا المادة المظلمة، يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ
صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ
فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [غافر: 64].
6- المادة
المظلمة تتضخم وتتوسع بسرعة كبيرة، وتتباعد معه المجرات، مثل البالون الذي يُنفخ
وقد وضع عليه مجموعة من النقاط فنرى النقاط تتباعد عن بعضها كلما زاد حجم البالون.
إن المادة المظلمة هي البالون في هذا المثال وهي تتمدد وتتوسع والنقاط على البالون
هي المجرات التي تتباعد عن بعضها بسرعة كبيرة.
إذن يؤكد
العلماء على أن المادة المظلمة هي التي خلقت أولاً وهي تنمو وتكبر باستمرار ويتوسع
معها الكون بأكمله، وقد نعجب إذا علمنا أن القرآن حدثنا عن توسع السماء وليس توسع
الكون، أي أن مادة السماء وهي المادة المظلمة تنمو وتكبر باستمرار [7] ، يقول
تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)
[الذاريات: 47]. وهنا نجد تفوقاً للقرآن على علماء الفلك، لأن القرآن تحدث عن نمو
وتوسع المادة المظلمة وهي السماء قبل أن يتحدث عنها العلماء بقرون طويلة فسبحان
الله!
7- إن هذه المادة المظلمة متماسكة وتملك حقلاً هائلاً من الجاذبية،
ولو اضطربت هذه الجاذبية قليلاً لانهار الكون واصطدمت المادة المظلمة بالمجرات
والكواكب، بل إن المادة المظلمة تمسك بالمجرات بفعل جاذبيتها الكبيرة، طبعاً هذه
الجاذبية هي نعمة من نعم الله تبارك وتعالى، لأنه هو من منح هذه القوة للمادة
المظلمة وأمسكها بها، ولذلك قال تعالى: (وَيُمْسِكُ
السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ
بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحج:
65]. ويقول أيضاً: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ
كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر:
41].
8- إن المادة المظلمة هي أول ما تشكل من الكون بعد أن كانت عبارة عن
غاز، وهو ما عبر عنه القرآن بقوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) [فصلت: 11]. ونلاحظ أن العلماء اليوم يتحدثون عن بقايا للدخان
الكوني منذ بلايين السنين.
9- يقول
العلماء إن المجرات البعيدة تبدو بألوان زاهية وكأنها مثل اللآلئ التي تزين العقد،
ويعتبر العلماء اليوم المجرات على أنها تسبح في كون مليء بالمادة المظلمة، وأن هذه
النجوم والمجرات تزين السماء، وقد نجد صدى لهذا الكلام في قول الحق تبارك وتعالى: (وَزَيَّنَّا
السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ) [فصلت: 12].
مجرات بعيدة جداً
تسبح في هذا الكون، والذي يتحكم بحركتها هي المادة المظلمة، حيث تقوم المادة المظلمة
بتسريع حركة هذه المجرات، إنها تملأ الفراغ بين المجرات ولذلك
يقول العلماء إن الكون هو بناء محكم، وهذا ما يقوله القرآن (والسماء
بناء)! المصدر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]