به نبدأ موضوعنا و به نختم فاللهم ادم علينا هذا القول و لا تحرمنا من ذكر سعة رحمتك و دوامها .
اقدم لكم اليوم بعض قصائد نزار قباني ...و الي اخذت معظمها من موقع ليالي لبنان .[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
و الان اترككم مع القضائد ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريمة شرف امام المحاكم العربية
1
... وفقدت يا وطني البكاره
لم يكترث أحد ..
وسجلت الجريمة ضد مجهول ،
وأرخيت الستاره
نسيت قبائلنا أظافرها ،
تشابهت الأنوثة والذكورة في وظائفها ،
تحولت الخيول إلى حجاره ..
لم تبق للأمواس فائدة ..
ولا للقتل فائدة ..
فإن اللحم قد فقد الإثاره ..
2
دخلوا علينا ..
كان عنترة يبيع حصانه بلفافتي تبغ ،
وقمصان مشجرة ،
ومعجون جديد للحلاقة ،
كان عنترة يبيع الجاهليه ..
دخلوا علينا ..
كان إخوان القتيلة يشربون (الجن) بالليمون ،
يصطافون في لبنان ،
يرتاحون في أسوان ،
يبتاعون من (خان الخليلي) الخواتم ..
والأساور ..
والعيون الفاطميه ..
3
ما زال يكتب شعره العذري ، قيس
واليهود تسربوا لفراش ليلى العامريه
حتى كلاب الحي لم تنبح ..
ولم تطلق على الزاني رصاصة بندقيه
" لا يسلم الشرف الرفيع " !
ونحن ضاجعنا الغزاة ثلاث مرات ..
وضيعنا العفاف ثلاث مرات ..
وشيعنا المروءة بالمراسم ، والطقوس العسكريه
" لا يسلم الشرف الرفيع " !
ونحن غيرنا شهادتنا ..
وأنكرنا علاقتنا ..
وأحرقنا ملفات القضيه ..
4
الشمس تشرق مرة أخرى ..
وعمال النظافة يجمعون أصابع الموتى ،
وألعاب الصغار
الشمس تشرق مرة أخرى ..
وذاكرة المدائن ،
مثل ذاكرة البغايا والبحار
الشمس تشرق مرة أخرى ،
وتمتلئ المقاهي مرة أخرى ،
ويحتدم الحوار
إن الجريمة عاطفيه
إن النساء جميعهن مغامرات ، والشريعة
عندنا ضد الضحيه ..
يا سادتي : إن المخطط كله من صنع أمريكا،
وبترول الخليج هو الأساس ، وكل ما يبقى
أمور جانبيه
ملعونة أم السياسة .. نحن نحب أزنافور ،
والوسكي بالثلج المكسر ، والعطور الأجنبيه
إن النساء بنصف عقل ، والشريعة عندنا ضد الضحيه
5
العالم العربي ، يبلع حبة (البث المباشر) ..
(يا عيني عالصبر يا عيني عليه)
والعالم العربي يضحك لليهود القادمين إليه
من تحت الأظافر ..
6
يأتي حزيران ويذهب ..
والفرزدق يغرز السكين في رئتي جرير
والعالم العربي شطرنج ..
وأحجار مبعثرة ..
وأوراق تطير ..
والخيل عطشى ،
والقبائل تستجار ، فلا تجير ..
(الناطق الرسمي يعلن أنه في الساعة الأولى وخمس دقائق ،
شرب اليهود الشاي في بيروت ، وارتاحوا قليلا في فنادقها ،
وعادوا للمراكب سالمين)
لا شيء مثل (الجن) بالليمون .. في زمن الحروب
وأجمل الأثداء ، في اللمس ، المليء المستدير ..
(الناطق الرسمي يعلن أنهم طافوا بأسواق المدينة ،
واشتروا صحفا وتفاحا ، وكانوا يرقصون الجيرك في حقد ،
ويغتالون كل الراقصين)
إن السويديات أحسن من يمارسن الهوى
والجنس في استوكهولم يشرب كالنبيذ على الموائد ..
الجنس يقرأ في السويد مع الجرائد
(الناطق الرسمي يعلن في بلاغ لاحق ،
أن اليهود تزوجوا زوجاتنا ، ومضوا بهن .. فبالرفاه وبالبنين)
7
العالم العربي غانية ..
تنام على وسادة ياسمين
فالحرب من تقدير رب العالمين
والسلم من تقدير رب العالمين
8
قررت يا وطني اغتيالك بالسفر
وحجزت تذكرتي ،
وودعت السنابل ، والجداول ، والشجر
وأخذت في جيبي تصاوير الحقول ،
أخذت إمضاء القمر
وأخذت وجه حبيبتي
وأخذت رائحة المطر ..
قلبي عليك .. وأنت يا وطني تنام على حجر
9
يا أيها الوطن المسافر ..
في الخطابة ، والقصائد ، والنصوص المسرحيه
يا أيها الوطن المصور ..
في بطاقات السياحة ، والخرائط ، والأغاني المدرسيه
يا أيها الوطن المحاصر ..
بين أسنان الخلافة ، والوراثة ، والأماره
وجميع أسماء التعجب والإشاره
يا أيها الوطن ، الذي شعراؤه
يضعون - كي يرضوا السلاطين -
الرموش المستعاره ..
10
يا سيدي الجمهور .. إني مستقيل
إن الرواية لا تناسبني ، وأثوابي مرقعة ،
ودوري مستحيل ..
لم يبق للإخراج فائدة ..
ولا لمكبرات الصوت فائدة ..
ولا للشعر فائدة ، وأوزان الخليل
يا سيدي الجمهور .. سامحني ..
إذا ضيعت ذاكرتي ، وضيعت الكتابة والأصابع
ونسيت أسماء الشوارع ..
إني قتلتك ، أيها الوطن الممدد ..
فوق أختام البريد .. وفوق أوراق الطوابع ..
وذبحت خيلي المضربات عن الصهيل
إني قتلتك .. واكتشفت بأنني كنت القتيل
يا سيدي الجمهور .. سامحني
فدور مهرج السلطان .. دور مستحيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متي يعلنون وفاة العرب؟؟؟
أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
وتبكي مآذنُها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني
أحاول رسم مدينةِ حبٍ...
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...
فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...
رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...
ولافائدهْ...
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...
وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-
رائحةٌ واحدهْ...
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.
أحاول منذ البداياتِ...
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...
أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ ،
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
وواعدتُ آخِرَ أنْثى...
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...
أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...
وأنفُضَ عني غُباري.
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...
وداعا قريشٌ...
وداعا كليبٌ...
وداعا مُضَرْ...
أحاول رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...
ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...
أحاول منذ الطفولةِ
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...
ليستقبلَ العاشقينْ...
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...
بين الرجال...وبين النساءْ...
وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...
ولكنهم...أغلقوا فندقي...
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...
وطُهْرِ العربْ...
وإرثِ العربْ...
فيا لَلعجبْ!!
أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ?
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا,
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...
وبين نُهور اللبنْ...
وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...
ولا سمكٌ في مياهِ الفُراطْ...
ولا قهوةٌ في عَدَنْ...
أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...
وأزرعَ نخلا...
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
خارجَ كلِ الطقوسْ...
وخارج كل النصوصْ...
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
في أي منفى ذهبت إليه...
لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...
أحاول - مذْ كنتُ طفلا ، قراءة أي كتابٍ
تحدّث عن أنبياء العربْ.
وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...
وبين الرُطَبْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...
فيا للعَجَبْ!!
أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ ، ولايمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب ، ولايخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ..
أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بَنونْ...
وليس هنالك حُزْنٌ ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ
أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
فقتلى على شاشة التلفزهْ...
وجرحى على شاشة التلفزهْ...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ
أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟
أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد اعلنوا وفاة العرب ....للشاعر السعودي غازي القصيبي